السبت، ديسمبر 30، 2006

إشارة - مرور


مي كامل

دوما هي اشارة مرور تلك التي تحدث لنا وقفة، وقفة سيارة كانت مسرعة لتصبح سيارة متوقفة تماما، تشرد بذهنك قليلا، تعبر بذهنك سنين واعوام اعوام جميلة تحمل ذكريات تفرض عليك بسمه تنبت من بين ثغرك وسنين يكاد يتفطر قلبك حزنا لما حدث فيها او حزنا عليها ما الفرق؟

لم تكن اشارة مرور واحدة تلك التي تخترق طريقها من الجامعة للمنزل ، بل كانت بضعة اشارات مختلفة، اعتادت ان تسير لكوبر الدقي لتنتظر ذلك الاتوبيس اللعين الذي لا ياتي ابدا في موعده، احتارت الاف المرات في فكرة العقاب الالهى بالاتوبيس، كانت تختبر الفرضيات يوميا فتارة ياتي في ميعاده فتعلم ان الرب ربما يكون راض عنها وتارة يتأخر فتتدراك الامر وتفكر سريعا "ياترى ايه الذنب اللى عملته النهاردة؟"

ولان الانسان لا يحيى بلا ذنوب فكانت تخرج بالذنب فورا "أأأه يبقى اكيد عشان كدة.. يارب عاهدتك مش هعمل كدة تاني" تستغفر ربها وتتمتم ببضعة ادعية حفظتها الذاكرة على اكمل وجه ثم تكمل انتظار.. وتبدأ في عملية من السرح المتواصل على مدار ساعة ونصف هو مدة الطريق منذ لحظة وصول الاتوبيس وحتى نزولها عند معرض السيارات الذي تسكن اعلاه!

(1)

توقف الاتوبيس لانتظار الاشارة وشردت قليلا او ربما اكملت ماكانت شاردة به منذ اول الطريق منذ لحظة الانتظار، بدأت كعادتها بحساب الوقت الزمني الذي تحتاجه لتتمكن اخيرا من شراء سيارة صغيرة ترحمها من تلك المواصلات ومن فكرة الانتظار ، تنتقل لفكرة ان الوقت يمر سريعا ولا داعي للانتظار فليس له مكان في الحياة، ثم تسرح بفكرة وردية تتخيل فيها مقاعد سيارتها والكنبة وهي ممتلئة باصداقائها لتقوم هي بتوصيلهم كل الى منزله لترحمهم هم الاخريات من المواصلات لتشعر بالفخر فيما بعد انها قد استخدمت السيارة لاسعاد من حولها، تفكر في موقف صعب سيأتي عليها حينما ستشفق على أحد اصدقائها من الشباب على ركوبه مواصلات وتضطر لتوصيله.. وموقفها امام الناس وهي تركب هي وهو وحدهما!.. تفق من احلامها على ابتسامة واشارة وتحية لصديقة كانت معها بالمدرسة وبالصدفة وجدتها في الاتوبيس.

(2)

كعادة أية احاديث بين أناس افترقوا.. يسرد كل منهم في الانجازات التي اجتاحته في اعوامه الاربعه التي تخلفا فيها عن مقابلة بعضهما البعض.. تبدا في سرد كلامها بطريقة حديث جديدة.. تطعمها ببضعة الفاظ لم يكن اعتاد عليها لسانها منذ اربعة اعوام.. تلمح في عيني رفيقة الدراسة ارتفاعا قليلا في الحاجب الايمن وتعزي ذلك لتعجبها من تطور شخصيتها.. تصمت قليلا وتسرح في فكرة هايفة وهي انها لم تتقن ابدا رفع الحاجب الايمن وحده.. دوما الحاجب الايسر فقط ثم ما تلبث ان تذكر ان لكل امكانياته فتصمت قليلا لتعطيها الفرصة لتستعرض ماحدث لها.. وبالمناوبة تبدأ الاخرى في الحديث والسرد.. تعلم انها تعمل الان وهي تدرس وانها قد احبت هي التي كانت الفتاة الوحيدة في الفصل التي كانت تتهم المحبين بالسفه.. يمر الاتوبيس سريعا على الكورنيش ولا تعلم هي لماذا اكتسبا هما الآخرتين السرعة في الحديث.. وكأنهما يحاولا اللحق بما تبقى لهم من آخر دقائق معا!

(3)

تنتهي كل منهما من الحكي والسرد.. يبتسمان لبعضهما البعض.. يأتي صديقتها رنين الهاتف وترد على حبيبها الذي منذ قليل كانت تحكي كيف انها تعشقه.. تتحدث معه بدلال دافيء.. تبتسم وتوميء برأسها حينا وكأنه يجلس امامها.. في خبث واضح تهمس له بأنها ليست وحدها وماهي الا ثانيتين وتغلق الهاتف.. ثم بابتسامة دافئة اخرى وقبلتين على الخدين ثم "احب اشوفك تاني.. سلام" "وانا كمان ولله.. باي"

تشعر وكانها للتو قد خرجت من آلة الزمن التي اخذتها في رحلة عبر أربع أعوام من عمرها.. تشعر وكانها تنفض عنها غبار مشقة الرحلة.. تشعر بالراحة والرضى عما آلت اليه.. هي ايضا تحب ولكنها لن تسمح لاحد بان يقتحم حياتها العشقية الخاصة.. لم تؤمن بمن يصرخ بالحب.. تجد في ذلك رياء كبير.. تتنهد وتتمتم "وانا مالي"

تفتح كتابها.. وتلقي نظرة على غلاف الرواية التي تعشقها وتعشق غلافها تقولها "الحب في المنفى" وتشرع فيما توقفت عنده!

هناك 9 تعليقات:

Amr يقول...

حلوة أوي يا مي... بس مش عارف العنوان حاسس إنه كان ممكن يبقى أنسب...
على العموم بس فكرة ربط وصول الأوتوبيس في موعده بالذنب أو الخطيئة متواترة جدا عندنا كلنا بأشكال مختلفة، بس هي الفكرة ليه متحطيش احتمال الابتلاء؟! ما ده سيناريو وارد جدا ولاّ انتي بتؤمني بالكرما؟!

طبعا الرد معاد من على نورماندي، بس أعمل لك إيه مانتي بعتّي اللينك هههههه

Unknown يقول...

جحيم الاتوبيسات فى بلدنا لا يعطى اى فرصه للذكريات و لا حتى لتبادل الاحاديث فالكل واقف متأفف متزمر متذنق متذنب و لكن انا معك فى ربط احداث حياتنا اليوميه لعقاب الله لنا و مكافئته و لو انى لست اؤمن بها لاننا نلقى بكل شئ على الله فى تصور احمق لطبيعة تعامل الله مع الانسان

Mai Kamel يقول...

ولو اني قصدت الاتوبيس المكيف اللى هو السي تي ايه بس ماعلينا

"خايفة الناس تفهم بس ان فكرة القصة ربط الاحداث بالعقاب الالهي.. الفكرة دي مجرد جزء من سلسلة من الافكار بعضها هايف زي ما كانت بتفكر في موضوع الحاجب اليمين والشمال وبعضها مهم زي ما اتربطت بعدين بفكر الفروق الفردية"

خايفة الناس تفهم لحد هنا كمان وبس..
عموما.. للي بيحب القراية استمتع.. واللى دخل بالصدفة شرفتني

samvet يقول...

بصراحة انا من عشاق جاهين
ودخلت هنا بالصدفة بالنسبة للموضوع
ففكرته فلسفيه وجميلة بس للاسف مش عارف اكمل الموضوع للاخر جايز عيب فيا انى مش عارف اركز اكيد هرجع تانى باذن الله واكمل واقولك رايى

إبـراهيم ... يقول...

موضوع جميـــل يا مي

كتابتـك عمومًا حلوة :)


بس ملااااحظ إنك معدتيش هنا من زماااااان !!!!


فينـك ؟؟؟

frozen love يقول...

تشعر وكانها للتو قد خرجت من آلة الزمن التي اخذتها في رحلة عبر أربع أعوام من عمرها.. تشعر وكانها تنفض عنها غبار مشقة الرحلة

عجبنى قوي التعبير ده..وطبعا البوست كله والفكرة واحساسك هايل

تحياتي

Elsede3' يقول...

that was really good, first time for me here, bas not my last i think
time time and time again *sighs*
bas mesh ha2ool aktar men keda
and hey, e7medy rabena 3ala enek beta3rafy terfa3y el7ageb elshemal, kan nefsy wALLAHi heyya we enny a roll my tongue

Mai Kamel يقول...

هههههههههههههههههههههههههه
اتدرب عليها وانت تعرف تعملها
هههههههه

Unknown يقول...

فينك يا مى
عايزين نشوفك و نطمن عليكى و متبقيش تغيبى عنا

ولا انتى تهتى فى اشاره المرور