الثلاثاء، مارس 06، 2007

ذاكرة عشوائية

قامت لتتفقد ما حوته دفتر مذكراتها.. علمت جيدا أنها لم تصلح أبدا لتدوين الأحداث فإما أن تبدأ في المبالغة والخيال وإضافة الأحداث التي تمنتها في نفس اللحظة أو سقطت من ذاكرتها بعض التفاصيل من الحدث.. وتلك التفاصيل الصغيرة لا يصح أن تسقط إذا ما قررنا التأريخ والتوثيق، لم تعرف النظام في التوثيق والتذكر.. فذاكرتها تجتاحها الفوضى وتعترف بذلك.
تنتظر ذلك السكون الذي يباغتها وسط الزحام لتتنسم على ذاكرتها أحد تلك الذكريات والمواقف التي تجعلها تبتسم ابتسامة يصفها البعض بالبلاهة فيها.. ولكنها وحدها تعلم جيدا ما تذكرته لتظهر تلك الابتسامة.
كانت فى أولى تجارب تلك الذاكرة الفوضوية تخشى نظرات الناس.. كانت تراهم وهم يستعجبون لها وهي تبتسم أو تجز على أسنانها من الغيظ.. ولكن سرعان ما اعتادت الامر.
واكتفت بكونها وحدها تستمتع بتلك الذكريات وتلك الذاكرة العشوائية الممتعة.

قبل ذلك بفترة طويلة كانت قد اعتادت الكتابة المستمرة والدائمة.. وكانت توثق كل الأحداث دوما.. إلى أن أيقنت أنه لا فائدة مما تفعل.
أتقنت الصمت.. وفي إتقانها له أصابتها حالات عديدة من الصراخ لما تريد البوح به.. فكانت تسطر بضعة أسطر ثم تنتهي.. وهكذا دواليك إلى أن ذات يوم فتحت تلك الوريقات الصغيرة لتجد تلك الرقع المسطورة وغير المؤرخة.

(1)

"التحف بصوت فيروز في البعد عنك..
لا أدري لماذا يباغتني هذا الحنين الجارف لعام مضى.. بكل التفاصيل لعام مضى
تجتاحني ذكريات أقسم أني لم أنساها.. ولاأدري لماذا أتذكر تلك المواقف كلما سمعت نفس الكلمات -معقول فيه اكتر أنا ماعندي اكتر .. كل الجمل والحكي والكلام فيك- بذلك الصوت الفيروزي الذي اكتشفناه سويا!"

(2)

" آمنت دوما ان النوم لا جدوى منه ان لم تكن ستخرج منه بحلم .. حلم يأخذك الى عالم جديد .. حلم يحطم كل القيود كل القواعد حلم خرافي بحت .. حلم تستيقظ منه فتشعر بروح جديدة وكأنك خلقت من جديد ..
الحلم .. كان هو الملاذ وليس النوم ..
كم تشبه احلامي !!

واليوم .. الليله ليلة هادئة .. فقط لو ان الصوت الخارج من تلك الالة الكاتبه يتوقف .. ولكن ساتناساه .. الليله غير مقمرة .. وعلى الرغم من كونها غير مقمرة سأكسر القاعدة اليوم .. لن ابكي بلا سبب مثل تلك الأيام الماضية .. لو كان البكاء رجلا لقتلته بحق ..
الليلة لن انام .. سأحطم قيد النوم .. سأعلن الثورة على احلامي .. حتى في لذتها سأرتقي بنفسي عنك ايتها الاحلام .. هي ليست ثورة عارمة تجتاحني في لحظة شجاعة مفرطة .. قلت لك قبلا بسيطة أنا سيدي ..
وببساطة .. اخشى ان اغمض عيناي فلا استيقظ .. لم اخش الموت قط .. ولا اخشاه الان .. فقط اخشى مرور الوقت .. وهو الذي كنت بالامس ادعو الله كي يمر مر الكرام ..
الليلة .. كم تشبهك !!

الحياة .. سنتعذب فيها وسنحيا بأمل .. سندمع وستخترق دموعنا الضحكات سهاما مصوبه .. ارفض الاقرار بان حياتنا جحيم فقط .. فلو كانت جحيم لكان وضعنا الله بالجحيم الأعظم لديه .. فما كنا وجدنا على تلك الدنيا .. وكذلك هي ليست بجنة الله على الارض .. فالجنة والنار مكانهما معروف لا جدال .. ولانهما معروفين صرنا نتعذب ونبتسم .. وتتنوع لحظاتنا من ضحكة مدوية الى دموع بحرقة والم .. ولولا التنوع لانتحرنا من الملل"

(3)

"أن تكون ابتلائي..
لم يكن ذاك ما توقعته
لم يخطر بلائحة ما استعديت له
لم أخش شيئا كما اخشى السقوط في ذلك الابتلاء او الفشل فيه

لو تدرك فقط مااشعر به؟
لو تعينني على اجتياز الامتحان!
لو تعطني "خمس دقايق بس" لاعادة التخطيط وليس لسماع الموسيقى مثل فيروز
لو....!"
(4)

"بيني وبينك حياة .. تاريخ .. جدار يكتب عليه كلمات عدة دون ان ندري ..
اخشى ان استفيق على جدار مكتوب عليه ملحمة لن اشعر بها الا بعد ان يخترقني سهم الالم لانزف وقتئذ حتى الممات .. ليكتب حينها ميعاد الممات ..
اعذرني لنبرة الالم فى حديثي .. هو ليس بحديث هو خطاب .. خطاب الى الزمن او القدر لست ادري .. الى كل تلك العوامل التي تتحكم بمصائرنا .. الي رب العالمين .. "ولسوف يعطيك ربك فترضى " صدق الله العظيم الكريم"

(5)

"تمنيت ان تأخذها كثيرا الى عالمك.. ان تسرقها من لحظات عالمها وتباغت بها عالمك.. ولما اقبلت على مشارف عالمك وجدت بعضا من الشجن.. اجتاحت دموعها اللحظات بلا ادنى سبب
وجدت عالم مليء بالانفعالات.. وهي التي لم تكن تفعل شيئا سوى صناعة عالم من الابتسامات
كانت قد فارقت الكلمات منذ أمد.. لم يتزاورا أو يتقابلا.. بحثت كل منهن عن الاخرى ولكن دون جدوى.. كان زحام الحياة قد ابتلعها فانساها البحث والكلمات.. حتى وجدت نفسها امام هذا الباب.. وكم تخشى الدخول"

انتهت الرقع والسطور! وعلمت أنها قد صارت مدمنة للورق والحبر وسطر الكلمات.