قديما ظهر فيلم من نوعية الخيال العلمي كانت فكرته تناقش ماذا لو قمنا بتصغير البشر ليستطيع العلماء إدخالهم بجسم مريض ومن ثم معالجته .. وأثار الفيلم ضجة كبيرة عند عرضه بالسينما .. ثم بعد سنين بدأ العلماء في وضع تصوراتهم وعمل التجارب المختلفة إلى ان وصلنا لليزر وصرنا الآن نعالج المرضى بنفس الطريقة دون تصغير أحد بل بإدخال آلات مسحية صغيرة جدا .. فقد كان التقدم العلمي أصله فيلم أو بدقة أكثر مجرد فكرة!!
V for vendetta
فيلم "في فور فينديتا" أو "الثأر" –كما تمت ترجمته في أغلب سينما الوطن العربي- للمخرج جيمس ماكتيج مخرج سلسلة أفلام ماتريكس و السيناريو للأخوين فاشوفسكي يأتي مقتبسا عن رواية صدرت في الثمانينات تتناول قصة بطل يوصف بأنه "إرهابي" يحاول إسقاط الحكومة البريطانية صاحبة الحزب الواحد الدكتاتوري .. ويقوم بدور الإرهابي "v" الممثل هوجو ويفينج والذي يرتدي قناع طوال عرض الفيلم فلا ترى وجهه أبدا وعلى الرغم من ذلك تتعاطف بشدة مع البطل مما يلغي القول بأن تعبيرات الوجه أحد عوامل تعاطف البشر مع بعضهم البعض ، وتشارك الممثلة ناتالي بورتمان في بطولة الفيلم.
تم تقديم الفيلم بشكل مبتكر وجديد وهو تداخل الأزمنة.. فتارة يحدث فلاش باك أو العودة للماضي وتارة أخرى تتوالى الأحداث الآنية .. والرائع انه لا يحدث خلل في الفهم لدى المشاهد بل يستطيع كذلك فهم كافة الأحداث والربط بينها ببراعة مما يؤكد على جودة السيناريو والحوار والإخراج كذلك.
ويصف الكثيرون هذه النوعية من الأفلام والتي بدأت بفيلم فهرنهايت 11/9 بأنها تناقش السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والعالم النامي ككل مثل سيريانا وفيلم "الطريق إلى جوانتنامو".
Aeon flux
ايون فلكس والذي ظهر كمسلسل كارتون للأطفال عام 1995 ثم ظهر كفيلم سينمائي بعد عشر سنوات في 2005 وتلعب بطولته تشارلز ثيرون وإخراج كارين كوزاما .. يحكي الفيلم عن مدينة تم صنعها لتكون خالية من أي أمراض لحماية المتضررين –سابقا- من فيروس قتل أغلب سكان الأرض وبشكل ما تتطور الأحداث لنكتشف أن استنساخ البشر صار ناجحا وفعالا حتى أن المدينة بأكملها قائمة على الاستنساخ.
V for vendetta.. Aeon flux ليس هناك ما يربط بينهم في القصة او التصوير او الإنتاج او ... إلا أننا نستطيع تسميتها أفلام التمرد والثورة .. التمرد على القهر حتى ولو كان في مصلحة البشر .. كسر الأسوار وتحطيمها مهما اعتقدنا في وجود الأمان خلف السور .
كلا من الفيلمين في فور فينديتا وAeon flux يحدث تمرد داخل نفس المشاهد من اجل الحصول والمطالبة على حياة أفضل حياة مضمونها سلام وحرية .. إلى آخر تلك المسميات الجميلة التي حوتها اليوتوبيا الأفلاطونية .. ولا تتعجب عزيزي القارئ حين تجد فى v for vendetta احد الشخصيات وهو يتمسك بالقران كمصدر لثقافته على الرغم من كونه ليس مسلما .. إلا أن ذلك لم يمنعه من الاقتباس منه والعمل بما يقتنع منه على لسان الشخصية بالفيلم.
بكرة أحلى من النهاردة .. يمكن!!
ما نحيا فيه حاليا نستطيع تسميته -بثقة- عصر الإرهاب .. ليس لان أمريكا أطلقت على الشرق الأوسط منطقة الإرهاب ولكن الإرهاب منها أولا ثم فيها ثم فينا .. الإرهاب المعنوي والمادي والتخريبي انتشر بشكل كبير .. حتى أن عقول المؤلفين صارت تتمنى لو بعد عشرة أعوام أو أربعمائة عام لم يعد عدد السنين مهم إلا انه صار السؤال إلى متى الفساد؟ هو المسيطر على عقولهم فاحد الأفلام تبدأ أحداثه من 2015 والآخر 2011 وكلاهما يتوقعا حدوث فيروس يقضي على عدد كبير من السكان ثم تتطور الأحداث لتدخل السياسة في استخدام ذلك الفيروس .. ويظهر القيد والدكتاتورية.
لازالت السيطرة للواقع الملموس
وعلى الرغم من الأمل نحو السلام والحرية إلا ان في الفيلمين تجد الوسيلة لذلك العنف كذلك .. وكأنهم يطبقون ما تقوله إسرائيل "بالدم والنار سقطت يهودا وبالدم والنار ستقوم يهودا" .. هي باختصار فكرة ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بطريقته ..
هي دعوة صريحة للتمرد على الفساد بإنسانية مطلقة تتحكم في مشاعر المشاهد أولا ثم يحكم عقله ليقتنع بها بشده .. هي فكرة أتت في وقت معين –حاليا- وقالوا قديما أن الفكرة يتحكم في إحيائها أو وفاتها التوقيت.
"صنعت القواعد لنحطمها" هو مبدأ آخر تلاحظه بشدة في تلك الأفلام من طراز معا نحو التمرد .. وجليه في فيلم v for vendetta حينما تم تحطيم النظام الحاكم الفاسد .. الا ان المؤلف نسى أو تناسى أن الحكم الفاسد لا ينتهي فلم يضمن الفيلم للمشاهد الا تعود الكرة الفاسدة مرة أخرى .. باختصار لم يضع بذور لحكم عادل سليم .. أ هو المستحيل تخيل نظام عادل؟؟
لم يكن هذان الفيلمان هما الوحيدين الداعيان لمثل تلك المبادئ فهناك غيرها ظهر قديما أيضا مثل ايلاند island 2005 وإذا بحثنا فسنجد أن في كل عام تقريبا يتم إنتاج فيلم من تلك النوعية "معا نحو التمرد" .. السؤال هو: هل تلك النوعية من الأفلام ستتحقق فى الواقع ذات يوم؟؟ هل ستموت فكرتها أم ستحيى لتتطور !!